صلة الآية الكريمة بما قبلها وما بعدها


الشيخ/ أحمد الشبكي

        إن الصلة بين الآية الكريمة وبين ما قبلها وما بعدها صلة واضحة بارزة، وثيقة دقيقة، نزلت في سورة البقرة هذه السورة الكريمة التي اشتملت على كثير من الحكم البالغة والأحكام البليغة ففيها حديث عن القرآن ومواقف الناس المتباينة من هدايته، وفيها القصص والأمثال والأحكام الفقهية المتعددة وفيها عرض شامل للعقيدة الإسلامية، وبيان لجملة من الأخلاق الكريمة وفيها أيضا تحذير من إخوة القردة والخنازير وكشف لفضائحهم ومفاسدهم حتى نكون منهم على حذر ، وحتى يعتبر خلفاؤهم وحلفاؤهم .

        

وفي السورة الكريمة أيضا بيان لجملة من السنن الربانية في هذا الكون ومنها اصطفاؤه عز وجل لأنبيائه وأصفيائه وسنة النصر والتمكين لأهل الإيمان واليقين ، وسنة التدافع والتوازن في الكون

قال تعالى { فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ {249} وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {250} فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ  دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ {251} تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ {252}

     وفي هذا مايدل على سلطانه   العظيم وتدبيره الحكيم وإرادته النافذة البالغة وفضله العظيم .

    ومن فضله وإكرامه ورحمته وإنعامه : إرساله الرسل بالآيات البينات وتفضيل بعضهم على بعض بالمنح اللدنية والمواهب الربانية والنفحات السنية والدرجات العلية .

ومع ذلك فلقد كان للناس مواقف متباينة من الرسل الكرام فمنهم من آمن ومنهم من كفر ، وتلك سنة من سنن الله الكونية والإنسانية : سنة الاختلاف، فسبحان من جلت حكمته وعلت مشيئته ونفذ مراده فلا يقع في ملكه إلا ما أراده  :

        مشيئة الخالق الباري وحكمته             وقدرة الله فوق الشك والتهم

قال تعالى { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ {253} }

    

ثم يأتي النداء الإلهي إلى الطائفة المؤمنة يأتي بتوجيه جديد إلى المؤمنين أن يبادروا ويسارعوا بالإنفاق في شتى وجوه الخير قبل انقضاء الآجال وانطواء صحائف الأعمال والعرض على الكبير المتعال في يوم لا بيع فيه ولا خلال، ولا شفاعة ، فيا حسرة على من لا يقدم لنفسه الإيمان  

ياحسرة على من ظلم نفسه فأوردها موارد الهلاك والخـسـران

يا حسرة على من آثر الكفر والعصيان على الإيمان وطاعة الـرحمن

يا حسرة على من أعرض عن الحق مع وضوح الحجة وجلاء البرهان

     قال تعالى (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ {254}  )

التالى

مقالات مرتبطة بـ صلة الآية الكريمة بما قبلها وما بعدها

  • السنن قبل الصلاة وبعدها:

    د. فخر الدين بن الزبير المحسي

    1- يصلي قبل الفجر ركعتين خفيفتين، يقرأ بعد الفاتحة في الاولى: "الكافرون"، وفي الثانية: "الإخلاص". 2- ثم يصلي

    23/07/2022 430
  • آخر آية نزلت

    صالح أحمد الشامي

    قال الله تعالى: {وَٱتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍۢ مَّا كَسَبَتْ

    05/10/2021 817
  • صلة آية الكرسي بما بعدها

    الشيخ/ أحمد الشوبكي

    وعن صلة آية الكرسي بما بعدها يقول النيسابوري رحمه الله  ( لما بين دلائل التوحيد بيانا شافيا قاطعا للأعذار

    21/10/2018 4168
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day