الطريق إلى حسن الخلق


الشيخ / هاني حلمي

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ,
بسم الله الرحمن الرحيم ,
الحمد لله وكفى وصل اللهم وسلم وبارك على النبى المصطفى وآله المستكملين الشرفَ
أما بعد:
ذكرنا من قبل فى مسألة اكتساب الخُلق الحسن وكانت هناك عشرأسباب لكى تكون صاحب خُلق حسن 
وهذه العشر أسباب هى على النحو التالى:
1_الإخلاص 
2_العلم
3_ينبغى ان يكون لك حال جديد مع القرآن حتى يكون خُلقنا القرآن
4_التأسى بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم
5_الدعاء
6_الإحتساب 
7_المحاسبة
8_الخوف من العاقبة
9_علو الهمة 
10_نسيان الأذية 
من هنا كان لابد من وقفة ما أنفسنا وألا يكون هذا مجرد كلام يُقال
كان لابد من تطبيق تلك الأسباب على أنفسنا وهذا ما يجعلنا نتخلق بالخُلق الحسن عن طريق 
التخلى والتحلى "إنزع وازرع"
بمعنى نتخلى عما هو سئ ونتحلى بكل ماهو طيب وصالح
نُكمل الان بقية أسباب التحلى بالأخلا الحسنة وكيف تكون صاحب خُلق حسن 
السبب الحادى عشر 
كن صاحب عقيدة صحيحة
الامام الغزالى يقول "آداب الظواهر عنوان آداب البواطن"السمت والشكل والاسلوب هذا الآدب الظاهر هو عنوان لما بداخلنا او للبواطن
"وحركات الجوارح ثمرات الخواطر"الأفعال التى نقوم بها والحركات هى نتيجة للافكار التى تترائى لنا 
"والاعمال نتيجة الاخلاق والآداب رشح المعارف"اى اننى كلما عرفت أكثر كلما كان مطلوب منى ان ازداد أدبًا لذا كان من يتعلم ويزداد فى سوء الادب فهذا لم يتعلم شيئًا قط فكن لزامًا على الذى يتعلم ان يزداد آدبًا وخُلقًا
نأخذ مثال يوضح هذه النقطة وهو عن عقيدة الايمان بالقضاء والقدر
فنحن نؤمن بالقدر خيره وشره اذا كان الانسان على هذه العقيدة الثابتة اورثه ذلك حًسن الخلق فيبعث على الطمأنينة والراحة النفسية لان عنده كل شئ بقدر الله ومادام عنده ايمان ورضا بالله تعالى فسيرضى بكل قدره 
فعقيدة القضاء والقدر تُجلب الرضا فلا اختيار لنا قبل القضاء اى لا احدد مطلبى انا اريد كذا او اريد فلانة زوجة بل ادعو الله بما يراه لى او بما يصلح لى وما يُرضيه عنى لانه لابد ان نكون على يقين بان الله سيختار لنا الافضل فهذا هو الرضا 
فحينما ينزل البلاء فإن ما يجعل الانسان يرضى هو حب الله الداخلى 
يقول عون بن عبد الله  "إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون"
بمعنى انك كنت تريد من الدنيا كذا وكذا وهذا لم يحدث فأعتبر أن ما حدث هو ما كنت تريده من البداية هذا هو جوهر الحب والرضا
هذا هو أثر عقيدة القضاء والقدر والذى يورث الرضا والاخلاق الحسنة 
"فقدر الله لا يأتى إلا بخير" ضعها أمامك دائما حتى ترضى
"قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا"

"إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ"
هذا هو الرضا والايمان والخلق الحسن 
فهذه العقيدة تورث الشجاعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلملا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه ( أو شهده أو سمعه )
فهذا الخلق المستمد من عقيدة الايمان بقضاء الله وقدره يُعرف الانسان ان ماعند الله لاينال الا بطاعته 
مثال على ذلك :أخت تعدت الثلاثين ولم تتزوج فتتبرج وتكثر من خروجها وهى بهذا تعتقد بانها ستتزوج ونسيت بان الزواج انما هو رزق من الله فتتعجل ولا ترضى بقضاء الله لها
فمن كان لديه عقيدة بان ماعند الله لاينال الا بطاعته فسوف يصل الى عين الرضا 
فإن كنت صاحب عقيدة سليمة أورثك الله الخلق الحسن
السبب الثانى عشر 
المجاهدة 
لن تتغير الا اذا سيطرت على نفسك واهوائك ودواخلك لهذا انت تحتاج الى لمجاهدة النفس 
فشخص مشكلته أتباع هواه وأخر مشكلته أنه غضوب وكثير الغضب وآخر مشكلته انه عاطفى بزيادة فى تعلقه بالآخرين وهكذا من هذ الآفات التى لا يخلو منها أحد
فتعال معًا نعرف تقسيم الشخصيات وما بكل شخصية من عيوب وآفات حتى نعرف عيب كل شخصية وتتم عملية التخلية من الصفات السيئة لكى تتحلى النفس بالصفات الحميدة
السبب الثالث عشر 
"التخلى والتحلى "
التخلى :عن أصول الآفات البشرية 
فى علم النفس هناك فرع اسمه علم انماط الشخصية فى التنمية البشرية هناك نظرية لعالم اسمه هيرمن هذا الشخص قسم العقل البشرى الى اربع فصوف
فالشق الايمن من العقل هو العاطفى والشق الايسر هو العقلانى 
وأنماط الشخصية تنقسم على النحو التالى 
1_الشخصية العاطفية" اول انطباع عن هذه الشخصية هو الطيبة " 
2_الشخصية الإبداعية"، شخصية متحركة، اجتماعية، تتكلم كثيراً و تدخل في مواضيع،"
3_الشخصية العلمية"هى شخصية جادة، يحب ان يخرج بهدف من المواضيع الجادة الهادفة 
4_الشخصية القيادية"وتتميز بالجدية والصلابة"
فمن تقسيمنا لشخصيات بهذه الطريقه سيؤدى بنا ألى الوسيلة لمعرفة النفس وآفاتها 
فمثلا عن طريق تلقى المعلومة لكل شخصية على حدا 
فالشخصية العاطفية المعلومة التى تصل لها تستخلص منها المشاعر 
والشخصية البداعية المعلومة تتحول عندها الى افكار 
والشخصية العلمية المعلومة تتحول عندها الى نتائج 
والشخصية القيادية المعلومة تظل فيها معلومة كما هى 
فما علاقة ذلك بحسن الخُلق؟
الشخصية العاطفية بها آفاتان كبيرتان هما "التعلق ببغير الله وسرعة اليأس"
الشخصية الإبداعية عيوبها "اتباع الهوى"
الشخصية العلمية يكمن عيبها فى" الكبر"
الشخصية القيادية عيبها الاكبر هو "العجب"
هذا هو ما نريد ان نصل اليه 
وهو معرفة ميول كل شخصية حتى نصل الى آفاتها وعيوبها ونأتى بعكس الآفة حتى تنصلح النفس وتكون ذات خُلق
وهذا ما يوصلنا إلى عملية التخلية والتحلية 
عن طريق الاتيان بعكس كل صفة سيئة وتبديلها بالصفة الحسنة 
فمثلا
سرعة اليأس يقابلها حسن الظن بالله 
التعلق بغير الله يقابلها الحب للودود
وهكذا لكل آفة من آفات النفس هناك من الصفحات الحميدة ما يقابلها ويجعل النفس ترتقى للاحسن
"فمن عرف نفسه عرف الله"
فحينما يعرف الانسان عيوبه وينشغل بها عن عيوب غيره من الناس سيتخلى عن الآفات مع الوقت ويتحلى بالمميزات
وسنجد ان 95% من الشخصيات هى شخصيات ثنائية او ثلاثية اى تحمل اكثر من صفة 
ويمكن ان يكون الشخص حامل للصفات الاربع وذلك عن طريق تعلم ممزات كل شخصية والتحلى بها وتجنب ما بكل شخصية من عيوب والبعد عنها 
فهذا هو صاحب الخُلق الحسن هذا هو الشخص المثالى 
السبب الرابع عشر 
الرفقة الصالحة 
"(إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة)) 
فلا بد أن نتأثر بمن نصاحب فهناك خمس أشياء تساعد على تكوين الشخصية 
وهى "الاسرة ,المسجد ,المكان الذى نتعلم فيه ,الاعلام , و الصحبة"
لذا فالصاحب يؤثر فى خلق الانسان فى طريقه 
فالمطلوب هو ان نتعاون أن يعين كل صاحب صاحبه لكى يعلم كل منهم لاحسن الاخلاق
فكما قال النبى صلى الله عليه وسلم
"الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل" 
وأيضًا "المرء مع من أحب"
الصحبة لها تأثير خطير فى حُسن الأخلاق
بن القيم يقول "أن هناك أربع أسباب تُفسد القلب منهم فساد المخالطة"
هذا هو ما يجعل الانسان يرتقى ويرتفع عن طريق مخالطة الناس اصحاب الهمم العالية واصحاب الخلق الحسن عكس صحبه السوء التى تحبط الشخص وتبعده عن طريق الله وتملئ قلبه بحب الدنيا
السبب الخامس عشر 
الاستفادة من الآخرين 
بمعنى الاستفادة من تجارب من سبقونا 
فهذا السبب يرتبط بفكرة الأصاله والمعاصرة أى أن يتعلم الشخص كيف يأخذ من خبرات من قبلك وفى نفس الوقت تطور ويكون لديك إبداع 
ابن القيم يقول " وكثير من الناس يتعلم المروءة ومكارم الأخلاق من الموصوفين بأضدادها , كما روي عن بعض الأكابر أنه كان له مملوك سيء الخلق , فظ , غليظ , لا يناسبه , فسئل عن ذلك فقال : أدرس عليه مكارم الأخلاق ! وهذا يكون بمعرفة مكارم الأخلاق في ضد أخلاقه , ويكون بتمرين النفس على مصاحبته ومعاشرته والصبر عليه "
أى أنه يأخذ عكس ما يفعله من سوء خلق وبهذا يكون لديه حُسن خلق 
بن حزم يقول فى كتاب الأخلاق والسير 
"لكل شئ فائدة ولقد انتفعت فى محك أهل الجهل منفعة عظيمة "
أنه كلما احتك بأهل الجهل والمعاصى يرتقى لكى لا يفعل مثلهم لا أن يقلدهم 
"عادات السادات سادات العادات"
أى أن هذه القدوة والأسس لانهم أهل الخير وأهل العلم ولنا انتفاع كبير من تجاربهم وأخلاقهم 
نستفيد من تجارب الآخرين وماوقعوا فيه من أخطاء حتى نتجنبه ولا نكرر نفس الأخطاء مرة أخرى 
لذا لابد أن يكون لديط الطاقة ولكن مع الحكمة فى استخدام هذه الطاقة عن طريق تعلم تجارب الآخرين

وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين 

السابق

مقالات مرتبطة بـ الطريق إلى حسن الخلق

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day