الرد على شبهة تعدد الآلهة قديما ..وشبهة لماذا لا نرى الله.. وشبهة إله الفراغات ‍‍‍


دكتور / هيثم طلعت علي سرور

 

الرد على الشبهات التالية :- 1- شبهة تعدد الآلهة قديما وهل كانت أصناما لآلهة متعددة أم وسائط متعددة لإله واحد .. 2- شبهة لماذا لا نرى الله .. 3- وشبهة إله الفراغات ..

هل كانت أصنام القدماء آلهة متعددة ..أم وسائط متعددة لإله واحد ؟؟ لم تعرف الدنيا كلها أصناما بعدد الأصنام التي كانت توجد في جزيرة العرب وقت بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ففي الكعبة ذلك المكان الصغير يوجد ثلاثمائة وستون صنما هُدمت كلها يوم فتح مكة وفي اليمن كان يوجد مثلها أو اقل منها بقليل وفي الشام كذلك وغيرها وغيرها الكثير.. لكن هل هذه الاصنام كانت تُعبد كآلهة متعددة أم كانت تُتخذ وسائط متعددة لإله واحد؟؟؟ نجد الإجابة على لسان هؤلاء المشركين أنفسهم فقد قال القرآن على لسانهم ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) 3 سورة الزمر ..ما يعبدونهم إلا تقربا وواسطة إلا الله وقد لغى الله الواسطة بينه وبين خلقه على لسان جميع أنبيائه {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (186) سورة البقرة ..ولذلك وصفهم الله بأنهم كاذبين ففعلا في قرارة أنفسهم لا يعبدون إلا إلها واحدا لكن اجتالتهم الشياطين فنسوا الله الواحد واتجهوا بكل عبادتهم وتقربهم لتلك الأصنام ونسوا ما ذُكروا به على لسان أنبيائهم ومنذريهم {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} (44) سورة الأنعام.. وقال تعالى {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ.. ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ..انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} (24) سورة الأنعام ..فأكبر فتنة يقع فيها اللادينيون وأشياعهم ممن اعترف بوجود الله ولم يعترف له بالأمر أنهم يظنون أنهم غير مشركين وهؤلاء يكذبون على أنفسهم فلو صدقوا الله لآمنوا بكتبه ورسله ولكنهم يكتفون بالاعتراف بوجود الله فرد الله عليهم قولهم وألزمهم الحجة وأخبرهم بموقفهم يوم القيامة فهل من معتبر …!!!!!!

فالإعتراف لله بالخلق دون الإعتراف له بالأمر فيه كذب ومكر كبير { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (54) سورة الأعراف وهذا الذي وقع فيه اللادينيون حديثا هو عين ما وقع فيه المنافقين قديما فقد قال المنافقون {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} 1 سورة المنافقون .. فقد اعترفوا برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الله قال {يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (1) سورة المنافقون .. فهؤلاء لو كانوا صادقين كانوا اتبعوا دين الله والتزموا أمره لكن استطاع الشيطان أن يمكر بهم فقد استخفهم الشيطان فأطاعوه فالكون دليل عقلي على وجود صانع واحد لا يتعدد وبهذا قال جميع العقلاء وهذا الصانع قد عرفنا بنفسه عن طريق أنبيائه ورسله ووضع في فطرنا معرفته واليقين بوجوده … فعُباد الأصنام اعترفوا وأقروا أنهم يعبدون إلها واحدا ..وأن الأصنام وسائط لله الواحد …ولكن نسوا ذلك وصارت الأصنام قبلتهم من دون الله ولذلك لو واجهناهم وذكرناهم لاعترفوا بالإله الواحد {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (61) سورة العنكبوت ..وأيضا {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (25) سورة لقمان.. بل وحتى المجوس .. وما أدراك ما المجوس إنهم يؤمنون بإله واحد ويقولون بالنور والظلمة ولكن النور أزلي والظلمة محدثة ويؤمنون بآدم عليه السلام ويسمونه كيومرث … وبوحدانية الله أقر البشر جميعا وهو مذهب الحكماء السبعة ( تاليس – أنكساغورس – أنكسيمانس – أنبادقليس – فيثاغورس –سقراط – أفلاطون الإلهي )  وعلي هذا القول سار حكماء الأصول ومتأخري حكماء اليونان .. بل وهو نهاية بحث كل ملحد ففي النهاية الكل يقر بالله الواحد ويقر لله بالخلق ولكن غالب هؤلاء لا يقرون له بالأمر { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (54) سورة الأعراف .. فهم يعترفون أن الله حقا خلقهم لكن يستكبرون عن عبادته والاتباع لرسله {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60) سورة غافر.. وأقسم بالله ما كنا نتصور أن هناك أقواما يعترفون بالخالق ويستكبرون عن عبادته إلا عندما رأينا اللادينيين ولقد صَدَّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .. {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ } (20) سورة سبأ.. بل واعجب حجة تسمعها من هؤلاء اللادينيين هو قولهم أن الله لا يدخل أنفه في الأمور التافهة وكأنهم ينزهونه عن متابعة خلقه .. والله وكذبوا .. والله وكذبوا .. والله وكذبوا .. فهم بذلك يسبونه ويشتمونه ويعتبرونه خلق الخلق ثم تركهم عبثا بل وهم بهذا الإعتبار يصفونه بأنه ظالم فطالما نفينا اليوم الآخر إذن سيموت القاتل ولن يُعاقب .. بل وبهذا الإعتبار أيضا يكون ضعيفا فكثير من الأنبياء جدف عليه وادعى أنه مبعوث من قبله وهم يفعلون معجزات باسمه ولا يموتون إلا وقد تمت دعوتهم وانتصروا وظهروا وبإذن الله سأفرد بحثا خاصا بخصوص إله اللادينيين وسوف أظهر فيه كذبهم ومكرهم وكيف استطاع الشيطان أن يستخفهم وحسبنا الله ونعم الوكيل ومما يدل على أن فطرة البشر قد جُبلت على وحدانية الله والخضوع له وخاصة وقت الشدة حيث لا منجي سواه ما رُوي عن الإمام جعفر أنه جاءه زنديق يجادله في وجود الحق تبارك وتعالى, فقال له الامام: هل ركبت البحر؟ قال: نعم؛ قال: هل رأيت أهواله؟ قال: لقد هاجت يوما رياحه الهائلة, فكسرت السفن وأغرقت الملاحين؛ فتعلقت ببعض ألواحها, ثم ذهب عني اللوح, فاذا أنا مدفوع بتلاطم الأمواج حتى دفعت بي الى الساحل. فقال الامام جعفر: لقد كان اعتمادك قبل على السفينة والملاح, ثم على اللوح حتى ينجيك, ق\فلما ذهبت عنك هذه الأدوات أسلمت نفسك للهلاك, ومع ذلك كله ترجو السلامة فيما بعد؟ قال: بل رجوت السلامة. قال جعفر ان (الله) هو الذي كنت ترجوه في ذلك الوقت, وقد أفرّ به قلبك عند الشدّة, وان انكره لسانك عند النجاة, وهو الذي أنجاك من الغرق. وصدق الله العظيم: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا} (67) سورة الإسراء وصدق الله {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } (32) سورة لقمان .. ولكننا نقول أن من أعظم الأسس التي بُني عليها الإسلام عقيدته هو أساس التوحيد ونفي الوسائط الي تُتخذ طريقا الى الله سبحانه فقال تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله سبحانه وتعالى (كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم و أمروهم أن يشركوا بي غيري ). فالأصل في الإنسان هو التوحيد والعبادة لله لكن كلما طال عليه الأمد نسي العهد ورضي بالكفر ولذلك تتعدد النذر والرسل لكيلا يكون للناس على الله حجة ( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) 165 سورة النساء وهكذا نكون قد أثبتنا أن عُباد الأصنام قديما كانوا يعبدون هذه الأصنام واسطة ووسيلة إلى الله وهو اعتراف عباد الأصنام أنفسهم بذلك وفي الحديث ..حدثنا أحمد بن منيع البغدادي الأصم ثنا أبو معاوية عن شبيب ابن شيبة عن الحسن عن عمران بن الحصين أن النبي قال لأبيه يا حصين كم تعبد اليوم إلها قال سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء قال فأيهم تعده لرغبتك ولرهبتك قال الذي في السماء فالكافر اعترف أن إله العالمين في السماء .. والحمد لله رب العالمين



والآن أحب أن أطرح سؤالا يكرره الملاحدة دون وعي بأبعاده وهو … لماذا لا نرى الله ؟ إن الشيء الذي تراه العين فإنه موصوف الذات محدد الإمكانات وهكذا تكون رؤية العين … ولذلك سؤال الملاحدة مردود عليهم لا محالة فنحن لو رأينا الله فعلا لألحدنا لأننا ساعتها سنحدده بأبعاد معينة وسيكون موصوف الذات لا محالة وهذا محال على الله سبحانه الذي لا يحده زمان ولا مكان .. فمجرد رؤية الله في الدنيا تقود للإلحاد فالعين تصف المرئي وتحدده وتحدد أبعاده وهذا محال على الله سبحانه الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار .. وفي الآخرة سنُنشأ نشأة أخرى وستكون أبصارنا حادة وسندرك ما لا يمكننا إدراكه الآن بإمكاناتنا المحدودة تلك {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } (22) سورة ق .. وبالتالي فسؤال الملاحدة أصلا سؤال مغلوط وإنما كان مقصدهم هو لماذا لم يرزقنا الله اليقين بوجوده هذا هو السؤال الصائب ولكن هذا السؤال يرد عليه وجودنا في الدنيا وانه وجود إختباري نُختبر فيه ونُمحص ولذلك خلقنا الله …!!!! فقد وهبنا الله عقلا محايدا وأودع في ذلك العقل غريزة معينة ألا وهي الإقرار بإن العدم لا يصنع شيئا - وبالتالي فلا بد للكون من صانع - ..ثم إن الله لم يكتف بذلك لإفامة الحجة علينا بل أرسل رسله وأنبيائه مؤيدين بالمعجزات والبشارات ولم يكتف سبحانه بذلك بل أخبرنا بالفرق بين النبي الصادق والنبي الكاذب وعلامة النبي الصادق ثم أمرنا باتباع أنبيائه والرضا بقضائه والإيمان بلقائه …. ولذلك الإيمان بالله على الرغم من سهولة الوصول إليه والثقة بوجوده لكن لا بد للناس من تمحيص واختبار ووعد الله أن الإيمان به هو النجاة والخلاص والفلاح في الدنيا والآخرة وهل لو رزقنا الله اليقين التام بوجوده دون إعمال للعقل هل نحن نعتبر ساعتها مؤمنين ؟؟ كلا وألف كلا فهل يوجد إنسان يقول أنا أؤمن بوجود الشمس ؟؟ كلا طبعا فالإنسان مجبر على الإقرار بوجودها لأنه يراها أمامه ولا يستطيع الإنكار … فشرط الإيمان هوالإعمال البسيط للعقل وإجهاد الفكر قليلا ولذلك كان الله دائما ينعي على الملحد أنه لا يعقل {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } (171) سورة البقرة فهو لو أجهد عقله قليلا لاعترف بوجود الله ومن بعدها فورا اعترف برسله وكتبه فهذا تابع لذلك .....



سؤال آخر يطرحه الملاحدة وهو أن أهل الأديان ينسبون الأشياء التي لا يعرفون سببها إلى الله وسموا ذلك بإله الفراغات .. وسبب هذا السؤال عند الملاحدة هو خلطهم بين الخرافة والدين الحق …. خلطهم بين أقوال السحرة والكهان وقول الله الواحد العلام سبحانه وتعالى لكن عندما يرجع الملحد إلى المعين الحقيقي حيث الدين الحق وحيث النصوص الدينية الصحيحة يجد الأمر بخلاف ذلك فالدين ينسب الشيء إلى الله بقانونه … ولتوضيح ذلك نقول هل عندما علم الملحد أن سبب حدوث الزلزال هو تحرك الطبقات التي توجد في قشرة الأرض هل بذلك لا يكون لله دخل في الأمر هل بمعرفة السبب نكون قد نفينا المسبب أم ازددنا يقينا في التأكد من وجود مسبب ..؟؟؟ هل عندما عرفنا أن سبب حركة السحب هو الرياح هل معنى ذلك لا دخل لله بالأمر أم أن الله هو الذي وضع تلك القوانين وهو الذي قننها …. وقد قال ابن القيم رحمه الله :- ( إن الله يا سادة ياتى بالأشياء بالأسباب ويأتي بالأشياء بغير الأسباب ويأتي بالأشياء بضد الأسباب ) تفسيرك ومعرفتك للقانون هل تنفي إثبات وجود مقننه أم تزيده إثباتا أيها الملاحدة ... وهذا هو عين ما قاله الدكتور ماريت ستانلي كونجدن : أن جميع ما في الكون يشهد على وجود الله سبحانه و يدل على قدرته، وعندما نقوم نحن العلماء بتحليل ظواهر هذا الكون ودراستها حتى باستحداثها الطريقة الاستدلالية فاتنا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار أيادي الله وعظمته ... وصدق الله حين قال {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى..أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} (7) سورة العلق ..فهو يرى فقط أنه استغنى ولكن ليست هذه هي الحقيقة ولذلك هو يطغى بلا حجة ولا بينة على كفره وطغيانه فالإنسان يعرف القانون ويفرح بذلك ولكنه يتناسى من قنن هذا القانون ويظن أنه بمعرفته سبب شيء أنه قد حسم الأمر وأنه لا حاجة لله وحسبنا الله ونعم الوكيل .. يقول أ.كريسي موريسون " إن استعراض عجائب الطبيعة ليدل دلالة قاطعة على أن هناك تصميماً وقصداً في كل شيء، و ثمة برنامجاً ينفذ بحذافيره طبقاً لمشيئة الخالق جل و عز " و يقول : إن حجم الكرة الأرضية ، و بعدها عن الأرض ، وبعدها عن الشمس ، و درجة حرارة الشمس أشعتها الباعثة للحياة ، و سمك قشرة الأرض و كمية الماء ، و مقدار ثاني أكسيد الكربون ، وحجم النتروجين ، و ظهور الإنسان و بقاء الحياة كل أولاء تدل على خروج النظام من الفوضى وعلى التصميم والقصد إن هذا التصميم و القصد هو الذي لفت القرآن إليه الأنظار في آيات كثيرة نذكر منها قوله تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) البقرة:164 ويتساءل الدكتور لسترجون زمران عن كيفية نمو النبات فيقول : "لا يكفي أن يكون هنالك ضوء و مواد كيماوية وماء و هواء لكي ينموا النبات ، إن هنالك قوة داخل البذرة تنبثق في الظروف المناسبة فتؤدي إلى قيام كثير من التفاعلات المتشابهة المعقدة و التي تعمل معاً في توافق عجيب . ". قول العلامة أ. كرسي مورسون عن وحدات الوراثة الموجودة في نوات خلية كل ذكر وأنثى مستدلاً بذلك على وجود الله : و تبلغ الجينات وحدات الوراثة من الدقة أنها ـ وهي المسئولة عن المخلوقات البشرية جميعاً التي على سطح الأرض من حيث خصائصها الفردية وأحوالها النفسية وألوانها وأجناسها ـ لو جمعت كلها ووضعت في مكان واحد ، لكان حجمها أقل من حجم الكشتبان و الكشتبان الذي يسع الصفات الفردية لبليونين من البشر هو بلا ريب مكان صغير الحجم و مع ذلك فان هذه الحقيقة التي لا جدل فيها ..فهي التي تحبس كل الصفات المتوارثة العادية لجمع من الأسلاف وتحتفظ بنفسية كل فرد منهم في تلك المساحة الضئيلة يقول العلامة أ. موريسون : إن الحياة ترغم على التناسل ، لكي يبقى النوع ،وهو دافع من القوة إن كل مخلوق يبذل أقصى تضحية في سبيل هذا الغرض ... و هذه القوة الإلزامية لا توجد حيث لا توجد الحياة . فمن أين ينشأ هذه الدوافع القاهرة ؟ولماذا ، بعد أن نشأت ، تستمر ملايين السنين؟ انه قانون الطبيعة الحية .... الذي يأتي من إرادة الخالق . ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) 164 سورة البقرة

 



مُشكلة الملاحـدة مع المُعجـزات ..!!

 

سمعنا كثيرا عن إنكار الملاحدة لمُعجـزات الأنبيـاء - وأن عقـولهم لا تستسيغهـا - وغـالبا ما كـان إنكـارهم من باب التوقعـات الفلسفيـة لا الوقـائع التاريخية-1-.. بل ويحتجون علينا أن العلم لا يستطيع استيعاب هذه المُعجـزات ضمن القوانيـن الوضعية التي يعرفها..  وفي البدايـة لا ننسى أن العلم الحديث لا ينظـر للطبيعة - كنظـام مُغلق -لذلك ليس هُنـاك ما يدعو للزعم بأن المُعجـزات لم ولن توجد ..  فإن العلم يتواضـع الآن .. والطبيعـة ليست نظـاما مُغلقـا وبالتالي فالمُعجـزات ليست تدخلات في نظـام مؤسسي ..  ثم إننـا عشنـا وسمعنـا عن تحطيم الذرة وموجـات غير مُدركة وأبعـاد وأكـوان موازيـة مما كان يُعـد يومـا ما بنفس المنظور العلمي أنه ميتافيزيقيا وخيـالات ..!!  يقول جيمس مور :- ( يرى العلمـاء المُعاصرون أنه لا أحد يعلم القانون الطبيعي بشكل كـافٍ بحيث يمكن له ان يقول أنه يعتبر بالضرورة أن حدثـا ما يعتبر إخلالا به .)

 لذلك فإن المُصطلح الشـائع الذي نُسميه القانـون الطبيعي هو في الواقـع وصفنـا الجـامد والمحدود للظواهـر الطبيعية ..

فالكون لم يعد ثابتـا في نظرنـا لم يعد ملعبـا معروفا نعلم كل قواعده .. لم يعد لأي إنسـان الحق في الحكم على أي حدث بسبب معرفته المُسبقة بالقـانون الطبيعي فكما قلت سابقا فإن العلم يتواضع الآن ..!! والإنسـان بعد أن رأى عَظمـة الكـون وأنه لا مركزي في هـذا الكون عـاد مرة أخرى ليكتشف أن الحجم نسبي وأن كواكب المجموعـة الشمسية بأكملها لو تصورنا أنها تحولت إلى ثُقب أسـود فإن حجمها لن يملأ كُوبا صغيرا ..!! وهكذا يتقزم العلم أمام نفسه وما أُوتي الإنسـان مِن العلم إلا قليلا ويعود الإنسـان ليستشعر مرة أُخرى ويعترف مرة أُخرى أنه كان مصروفا بالمادة عما ورائها محجوب بالمظاهر عن الحقائق الكبيرة كان ناسيا او متناسيا أن استعماره في الأرض لحكمة ولأجل وتكليف وضرب له موعدا للقاء الرهيب يحاسبه فيه على ما قدم وأخر ..!! وفي النهـاية إذا كـان الله موجودا فالمعجـزات ليست فقط مُمكنة منطقيـا لكن بكل صـدق وأصـالة ممكن حدوثهـا في كل لحظة .. إذن في حـوارنا مع هؤلاء علينا أن نقصد البحر ونترك القنـوات فإننـا إذا ألزمناهم الحُجـة بوجـود الله فإننـا نكون قد حسمنـا كل هذه المسـائل دون حتى التطرق لهـا ..!! ---------------


1-  قصـة أصحـاب الفيل وجيش ابرهة أحد المعجـزات التي شهدها النـاس ودُونت في القرآن على مرأى ومسمع مِمن شهد هذه الواقعة وأنا ما حاورت مُلحـدا إلا وأقر أن القرآن هو الأثر التاريخي الوحـيد الذي يُمثل روح عصـره أصدق تمثيل وهـذا يُثبت أن إنكـار الملاحـدة للمعجـزات هو من باب التوقعـات الفلسفيـة لا الوقـائع التاريخية وإلا فإن واقعة تاريخية ثابتة بأصدق كتاب وصل إلينا لا يختلف في ذلك منصفان لا يحتاج التسليم لها إلا قليلا مِن الإنصاف! ولا ننسى قوله تعالى ( وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ) 14 سورة الصافات .. فالآيات إذن والمُعجـزات ثابتة تاريخيـا بالتواتر لكن مـا بال مَن كانت مُشكلتهم نفسية لا علميـة ..!!

بعض الفقرات في هذا المقال مُقتبسة من كتاب برهـان جديد يتطلب قرارا جوش ماكدويل

 

 

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الرد على شبهة تعدد الآلهة قديما ..وشبهة لماذا لا نرى الله.. وشبهة إله الفراغات ‍‍‍

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day