موقف علماء الطبيعة من النظرية


عمر سليمان الاشقر

موقف علماء الطبيعة من النظرية :

 


1- المؤيدون للنظرية وتأييدهم كان أكثره انتصاراً لحرية الفكر الذي كانت الكنيسة تحاربه وتقاومه ، فقد شن علماء الطبيعة حرباً ضد قسس الكنيسة وأفكارهم بعد أن نشبت حرب طاحنة بين الفريقين .


2- المعارضون ، وهم المطالبون بدليل محسوس على فعل ( الانتخاب الطبيعي ) في تحويل الأنواع ، ولا سيما نوع الإنسان ، فالمعترضون عليه طلباً للأدلة الطبيعية لا يقلون عدداً أو اعتراضاً عن المعترضين اللاهوتيين في أوربا .

 
وهذه بعض آراء العلماء المعارضين كما نقلها الأستاذ إبراهيم حوراني : " إنّ العلماء لم يثبتوا مذهب ((دارون)) بل نفوه ، وطعنوا فيه ، مع علمهم أنّه بحث فيه عشرين سنة " . ومنهم العلامة ((نشل)) ، والعلامة ((دلاس)) قال ما خلاصته : " إنّ الارتقاء بالانتخاب الطبيعي لا يصدق على الإنسان ، ولا بد من القول بخلقه رأساً " .
ومنهم ((فرخو)) قال : " إنّه يتبين لنا من الواقع أن بين الإنسان والقرد فرقاً بعيداً ، فلا يمكننا أن نحكم بأنّ الإنسان سلالة قرد أو غيره من البهائم ، ولا يحسن أن نتفوّه بذلك " .ومنهم ((ميفرت)) قال بعد أن نظر في حقائق كثيرة من الأحياء : " إنّ مذهب ((دارون)) لا يمكن تأييده ، وإنّه من آراء الصبيان " .ومنهم العلامة ((فون بسكون)) قال بعد أن درس هو و ((فرخو)) تشريح المقابلة بين الإنسان والقرد : " إنّ الفرق بين الاثنين أصلي وبعيد جداً ... " .ومنهم العلامة ((أغاسيز)) قال في رسالة في أصل الإنسان تليت في ندوة العلم الفيكتورية ، ما خلاصته : إنّ مذهب (دارون) خطأ على باطل في الواقع ، وأسلوبه ليس من العلم في شيء ، ولا طائل تحته .ومنهم العلامة ((هكسلي)) وهو من (اللاأدرية) وصديق (لدارون) قال : إنَّه بموجب ما لنا من البينات لم يثبت قط أن نوعاً من النبات أو الحيوان نشأ بالانتخاب الطبيعي أو الانتخاب الصناعي .ومنهم العلامة ((تندل)) وهو مثل ((هيكل)) قال : " إنّه لا ريب في أنّ الذين يعتقدون بالارتقاء يجهلون أنّه نتيجة مقدمات لم يعلم بها ، ومن المحقق عندي أنه لا بدّ من تغيير مذهب (دارون) " .

 


نظرية لا حقيقة :


لذلك كله فقد أطلق على ما قاله (دارون) بشأن التطور (نظرية التطور) ، وهناك فرق كبير لدى العلماء بين النظرية والحقيقة أو القانون . فالنظرية في اصطلاحهم هي ما تحتمل التصديق والتكذيب ، أما الحقيقة أو القانون فلا يحتمل وجهاً من أوجه الباطل .

 


لماذا انتشرت إذن؟

 
سبب انتشار هذه النظرية هو مَجيئُها في وقت أذن الله فيه أن يظهر باطل ذلك الدّين المحرف المغير ( النصرانية ) على أيدي جماعة من أبنائه ، فكان لتقدم العلوم أثر كبير في كشف زيف ذلك الدين ، مما أدّى إلى نشوب معركة ضارية ذهب ضحيتها آلاف من علماء الطبيعة ، وفي المعترك الحامي أخذ كل فريق في استخدام كل سلاح ضد خصمه ، فانتشرت هذه النظرية سلاحاً أشهره علماء الطبيعة في وجه دينهم ، ثمّ في وجه كلّ دين وطئت أقدامهم المستعمرة أرضه ؛ لاعتقادهم بصدق هذه النظرية ، وانتقاماً من ذلك الدّين الباطل الذي وقف حجر عثرة أمام البحث في ميادين العلوم الطبيعية ، ثم وسيلة لتحطيم أديان الأمم المستعمرة حتى يسهل على المستعمرين السيطرة على هذه الشعوب .


وهكذا فرض التعليم الاستعماري هذه النظرية بعد أن حطم دينها في مناهج الدراسة ، وقدمها في ثوب ( علمي ) حتى يستطيع أن يقنع الطلاب بصدق هذه النظرية ليقرر ما ألقي في أذهان الطلاب من خلاف بين العلم الذي زيفوه والدّين ، فيكفر الناس بدينهم .


ويكفي أن يعرف القارئ أنّه بوساطة هذه النظرية انحرف كثير من أبناء الإسلام عن دينهم ، ولذلك فقد حرص الاستعمار على تعليم هذه النظرية لأبناء المسلمين في مدارسنا في الوقت الذي يحرّم فيه القانون الأمريكي تعليم هذه النظرية في المدارس منذ سنة 1935م .


ولكن أوربا بعد أن قضت على دينها المحرف عادت لتعلن أنّ نظرية (دارون) التي استخدمتها في المعركة لدعم موقفها ليست حقيقة علمية ، وإنما هي نظرية كلما تقدمت العلوم كشفت عن باطلها .

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ موقف علماء الطبيعة من النظرية

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day