عبادة الله باسمه تعالى التواب

عبادة الله باسمه تعالى التواب


د. أشرف حجازي

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

قال الله تعالى: (*إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا*)

[النساء: 16] 

وقال الله تعالى: (*إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ*)

[البقرة: ٣٧]

ـ وهو *قابل التوب*. 
 وأخبر الله تعالى عن نفسه فقال أنه:

(*تَوَّابٌ رَحِيمٌ*)

 

(*تَوَّابٌ حَكِيمٌ*)

*المعاني والدلالات لاسمه تعالى التواب:*

*1- التوبة هي الرجوع عن الذنب.*
*2- وتوبة العبد تقع بين توبتين لربه تعالى، الأولى توفيقه للتوبة، والثانية قبولها.*
*3-  والله تعالى يحب التائبين ويفرح بتوبتهم.*
 

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «لله أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلاً وَبِهِ مَهْلَكَةٌ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْـحـَرُّ وَالْـعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ لله قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي، فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ. فقال مِنْ شِدَّةِ الْـفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي، وَأَنَا رَبُّكَ ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْـفَرَحِ.»

[صحيح البخاري 6308 ومسلم 2744 ]

*4-  والله تعالى يتوب على عباده كلما رجعوا إلى الذنوب وتابوا.*
*ويقبل توبة عبده مهما نكث فيها، وعاد إلى المعصية، ثم عاد إلى التوبة.*
*5-  والله تعالى يحب أن يتوب على المؤمنين.*
*6-  والله تعالى تاب على آدم ـ عليه السلام ـ  وعلى نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى المؤمنين.*
*7- والله تعالى يبدل سيئات التائب حسنات.*
*8-  والله تعالى يكفر  الصغائر لمن لم يرتكب الكبائر.*
*9- والله تعالى لا يغلق باب التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها.*
   وباب التوبة مفتوح للإنسان حتى يغرغر وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة حين يرى ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب، وهنا لا تُقبل توبة التائب بعد ما أضاع زمن الإمهال.
*10- والحكمة من خلق الذنوب هو ما يعقبها من التوبة التي يحبها الله تعالى، وما يلازمها من انكسار القلب والشعور بضعف النفس وخبثها عند إتيان الشهوة، والشعور بظلم العبد لنفسه ولغيره بالوقوع في المعصية،  والشعور بالافتقار إلى الله ليعفو عنه، وأنه الملجأ الوحيد بالفرار إليه من أسر الذنب، فهذا خير من العجب والغرور والاستكبار الذي قد يصيب بعض الناس عند عدم  الوقوع في الذنب.*


*عبادة الله باسمه تعالى التواب:*

*1- التوبة هي الندم على الذنب والامتناع عنه ابتغاء وجه الله، والنية على عدم الرجوع إليه في المستقبل، وكل هذا من فعل القلب.*

*2- وشروط التوبة* :
(1) *الندم* على المعصية، وهو الحزن على التفريط في حق الله.
فمن علم أنه سُيعذب بذنبه في النار اشتد ندمه على جهله، واشتدت حسرته على ضياع فرصته، فإن هذا الوقت كان يمكنه أن يطيع الله فيه.
(2) *الإقلاع* عن الذنب في *الحاضر* .
(3) *العزم على عدم العودة* إلى الذنب في *المستقبل*.
(4) *رد المظالم* للعباد إن كان الذنب في حق المخلوقين، فلا تُقْبَلُ التوبة إن لم ترد المال المغْتَصَبْ حتى لو بكيت الدهر كله، *فإن ظلم العباد ديوانٌ لا يترك الله منه شيئًا*.
  واعلم أن الذنب في حق النفس « بينك وبين الله » *أقرب إلى العفو* ، والذنب في حق العبد *أقرب إلى المؤاخذة* ، فالرب كريم والعبد شحيح.

*3- والتوبة نية* ، وهي أن تترك الذنب ابتغاء وجه الله، فمن ترك الذنب لِكِبَر سنه أو لضعف بدنه، أو لأن الذنب بعيد عنه، أو لأنه لا يملك المال لفعله، فهذا ليس بتائب، وتركه الذنب ليس بتوبة.
*4- فالمطلوب هو توبة القلب لا توبة اللسان فقط* ، فمن تاب بلسانه ولم يتب بقلبه فليس بتائب.
5- فإنما *تنشأ الذنوب من محبة ما يكرهه الله أو كراهة ما يحب الله* ، وسبب ذلك هو تقديم هوى النفس على محبة الله وخشيته.
6- *وينبغي للعبد أن يتوب توبةً نصوحًا من كل الذنوب.*
 *التوبة النصوح* : هي التوبة الشاملة من كل الذنوب، صغيرها وكبيرها، سرَّها وعلانيتها، ذنوب في حق النفس، وذنوب في حق الخلق. 
 وهي التوبة التي تنصح صاحبها فتمنعه كلما أراد أن يعود إلى المعصية.
7- *وينبغي للعبد أن يتوب على الفور ولا يسوف* .
8- *وعلي العبد أن يكثر من التوبة في كل حين* .
9- *وعلى العبد أن ينقض عقد الإصرار على الذنوب* .
  *والإصرار* هو عدم الندم على الذنب، وأن يعزم أن يعود إلى المعصية متى قدر عليها.
10- *وإن أكثر أهل النار من المُسَوِفين للتوبة* ، فإنَّ سوف جُندٌ من جنود إبليس. 
 من ترك المبادرة بالتوبة كان بين خطرين:
(1) أن يأتيه المرض أو الموت فلا يجد متسعًا من الوقت للتوبة.
(2) أن يَمد الله في أجله وهو مقيم على المعصية فتتراكم ظلمة المعاصي على قلبه حتى يصير رانًا وطبعًا لا يقبل المحو، فلا يقدر على التوبة.

11- *ينبغي على العبد أن يتوب من الكفر والإشراك بالله، ومن الكبائر والصغائر، ويتوب من الغفلة عن ذكر الله.*
12- *وإن الذنوب تمنع الرزق وتمحق البركة، وتسود القلب، حتى لا يقبل فعل المعروف.* 
  على عكس البر الذي يطيل في العمر ويمنع ميتة السوء.
13- *وإن الكبائر بريد الكفر.*


*للمزيد برجاء الرجوع لموقع* www.Iam-Muslim.com
السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ عبادة الله باسمه تعالى التواب

  • عبادة الله باسمه تعالى البديع

    د. أشرف حجازي

     الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم. قال الله تعالى: ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ

    25/11/2018 2449
  • عبادة الله باسمه تعالى الجــبار

    د. أشرف حجازي

    المعاني والدلالات لاسمه تعالى الجبار: 1ـ هو الذي يجبر كل كسير وفقير وذليل. فمن لكل أرملة ويتيم إلا هو؟! ومن لكل نازلة وبلاء إلا هو سبحانه؟! لولا جبره لقلوب

    09/10/2018 2439
  • عبادة الله باسمه تعالى القريب

    د. أشرف حجازي

    هو الذي قرب من عباده قرباً عاماً بسمعه وبصره وعلمه وقدرته وإحاطته بهم . فهو يحيطهم بعلمه وقدرته وأوامره الكونية

    28/10/2018 1902
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day