تلاوة القرآن بمنهج التلقي


الشيخ / فريد الأنصاري


التلاوة، والتعليم، والتزكية هي الأصول الكلية لمهمة الرسالة، وهي المراحل الأساسية لبناء النفس المؤمنة، وتكوين النسيج الاجتماعي الإسلامي. إلا أنها مراحل متداخلة في عملية الاشتغال بالقرآن الكريم لهذا الغرض، إذ يصعب القول بأنها منقطعة مبتوتة المفاصل، بل هي متواصلة، يكمل آخرُها أولَها، ويرفد أولُها آخرَها؛ إذ تجد بدايات اللاحقة منها منذ الشروع في السابقة، وتجد آثار السابقة مستمرة في اللاحقة! وإنما تتميز عن بعضها بالغلبة ليس إلا. وبيانها كما يلي:

الخطوات المنهجية الثلاث لتدارس القرآن

الخطوة الأولى: تلاوة القرآن بمنهج التلقي

- فأما الخطوة الأولى فهي التلاوة: وهي بركة وزكاة في نفسها، فقد ثبت الأجر  على كل حرف تتلوه من القرآن الكريم، فعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال:


قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(من قرأ حرفاً من كتاب اللَّه فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)

رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح. كما رواه الحاكم أيضا في المستدرك

. ولذلك كان لقارئ القرآن ما وعده الله إياه، من رفيع المنازل في الجنان العالية، وما أسبغ عليه من حُلَلِ الجمال.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(يقال لصاحب القرآن ‌:‌ اقرأ وَارْقَ! ورَتِّلْ كما كنت ترتل في دار الدنيا! فإن منـزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها!)

رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير:8122.

. فلا تنس هذا.

والله عز وجل أمر بالتلاوة للقرآن في غير ما آية.

قال سبحانه:

 (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا)

(الكهف:27).

وقال سبحانه:

 (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ)

(فاطر:29)

.

وقال: (لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)

(آل عمران:113)

.

وقال تعالى: 

 (وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً)

(المزَّمِّل:4)

،

ثم قال:

 (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنَ)

(المزمل:20)

. وفي الحديث الصحيح:

 (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران.

متفق عليه

إلا أن التلاوة إنما تكون بما وُصِفَتْ به من البركة والتأثير الإيماني؛ إذا أُخِذَتْ بما أسميناه بـ(منهج التلقي للقرآن العظيم)، حيث يؤخذ القرآن بحضور قلبي، وتُتْلَى آياتُه على أنها ذِكْرٌ لله جل جلاله. وبيان ذلك هو كما يلي:

لا شك أن القرآن العظيم رأس الذِّكْر، ومفتاح الذكر، وتاج الذكر. بل القرآن هو الذكر!

قال سبحانه:

 (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ. وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ!)

(القلم:51-52).

والقرآن أيضا به يكون الذكر!

قال سبحانه: 

 (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)

(سورة ص:1)

. والفتنة حينما يطوف بها الشيطان في كل مكان؛ يعمي بها البصائر، فيحفظ الله الذاكرين!

قال سبحانه: 

(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)

(الأعراف:201).

الإشكال الآن هو: كيف نُحَصِّل الذكر بالقرآن؟

هذا هو السؤال الأهم الآن؛ لأنه ليس كل قارئ للقرآن هو بذاكر!



السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ تلاوة القرآن بمنهج التلقي

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day