التوحيد يسهل العمل والبذل للدين

التوحيد يسهل العمل والبذل للدين


الشيخ احمد الشبكي

التوحيد يسهل العمل والبذل للدين


العمل للدين والتضحية له غاية يتمناها كل مسلم يحب ربه ،إذ لا دليل على انتمائه لهذا الدين إلا البذل له ،وكل مسلم يود ذلك ولكن تمنعه موانع وتقف أمامه عوائق ،فيجد سبل العمل له غير ميسرة ،وأحيانا يتعرض لصنوف من أنواع العذاب والتعب ،فيترك هذا الشرف ولا يحاول المواصلة.
فإذا باشر التوحيد قلبه فإنه يستطيع البذل للدين والتضحية له ولو على صحته –وإن شئت فقل ولو بذل في ذلك حياته ،فلا شيء إلا التوحيد يعطي المرء طاقة يستعذب بها العذاب في سبيل الله فكم من نفس بالتوحيد أوذيت في سبيل الله وما تألمت وكم من نفس أصابها العذاب وأصابها من ألوان العذاب ما جعله يستعذب العذاب في ذات الله لتبلغ به رضا الله.
فهذا سيدنا حبيب بن زيد أسلم في بيعة العقبة الثانية في العام الثالث عشر من البعثة النبوية قبل الهجرة ،وباشر التوحيد قلبه ،فبذل للدين ولم يكن من السابقين في الإسلام ولكن عمل أعمال الرجال ،فحين خرج الكذاب مسيلمة ،كتب له الرسول صلى الله عليه وسلم كتابا ثم تلفت النبي عليه السلام حوله، ينظر في وجوه أصحابه ، يلتمس منهم رجلاً صاحب توحيد راسخ أورثه التوحيد جرأة في الحق وإقداما ً ليحمل هذا الكتاب، إلى مسيلمة الكذاب ،وإذا به يختار سيدنا حبيب بن زيد رضي الله عنه ،-أتدري من حبيب- شاب أسلم منذ 9 سنوات فقط ،رباه توحيده على العمل لدينه ،فما أسرته عن خدمة الدين شهوة ،ولا انشغل عن ربه بلذة، إنه القلب إذا امتلأ بالتوحيد فازداد  تصديقاً وإيماناً ،أخذ الكتاب من يد النبي عليه السلام ، ثم مضى به من المدينة إلى اليمامة ،فسار أكثر من ألف ميل ،حتى وصل إلى مسيلمة الكذاب،
إنها مهمة ليست عادية ولا سهلة بل تحتاج إلى رجل فيه من صفات التوحيد ما مر كي يتحمل الفتن إن تعرض لها.
إن سيدنا حبيب لم يتعرض لفتن فقط ،بل عذبه مسيلمة –لعنه الله-  عذابا تنوء منه الجبال ،فحين وقع كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  في يده جمع قومه ،وجعل يوما كيوم الأخدود مشهودا ليعلم الناس قوته الكامنة في حقارته وضعفه الواضح في تصرفه مع أعزل لا يملك سلاحا ولا عتادا ولكنه الشرك حين يصور الهر على أنه أسد.
قال مسيلمة لـسيدنا حبيب (صاحب التوحيد) :-" أتشهد أن محمدا رسول الله..؟فقال (صاحب التوحيد) :- نعم أشهد أن محمدا رسول الله. –وارتاع مسيلمة من قوته في الرد ورباطة جأشه فعاد يسأله: وتشهد أني رسول الله..؟؟ فأجاب (صاحب التوحيد) :- في سخرية متناهية وكأنه ليس في موطن أعداء إنما هو في موطن ثبات على توحيده فقال :- إني لا أسمع شيئا..!! فكست ساعتها صفرة الخزي وجه مسيلمة وتحول الى سواد حاقد مخبول.. ،فما أراد أن يزرعه في نفوس قومه الضعاف المخاذيل أوشك (صاحب التوحيد) أنه ينزعه ،هنالك هاج كالثور المذبوح، ونادى جلاده الذي أقبل ينخس جسد (صاحب التوحيد)  بسنّ سيفه.. إنه تفنن في عذابه وقوته  رجاء أن يثبت لقومه قوته ،فغلبه (صاحب التوحيد) بثباته 
وقوته ،فراح يقطع جسده قطعة قطعة، وبضعة بضعة، وعضوا عضوا..والبطل العظيم لا يزيد على همهمة يردد بها نشيد إسلامه:" لا اله إلا الله محمد رسول الله"..
إنه الشعار الذي عليه تربى وبه نشأ.
فما أحوجنا إلى مثل هذا التبات ،وإلى مثل هذه النماذج الواجب بثها في نفوس أبناءنا وبناتنا.
السابق

مقالات مرتبطة بـ التوحيد يسهل العمل والبذل للدين

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day