أعظم الناس شعوراً بالسعادة هم أكثرهم عملاً للآخرة


الشيخ سلمان العودة

وأعظم الناس شعوراً بذلك، وإدراكاً لهذه السعادة هم أعظم الناس عملاً للآخرة، واستعداداً لها، وتضحيةً في سبيل الله عز وجل، ولذلك فإن للنبي صلى الله عليه وسلم من السعادة في الدنيا وفي الآخرة، أكملها وأزكاها وأوفاها، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:1-4] أي: قد شرحنا لك صدرك، ووسعناه وطمأناه بالإيمان والعلم النافع والنبوة، وأعطاه الله عز وجل ما ذكره في هذه السورة، من الرفعة والنعيم في الدنيا والآخرة.

 

 

ولأتباع النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الشرح والسعادة والنعيم في الدنيا والآخرة، بقدر كمال اتباعه له صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر:22] فمن شرح الله صدره للإسلام ووسعه للإيمان، فهو على نورٍ من ربه، يتحرك في هذه الحياة وهو يعرف لماذا جاء إلى هذه الدنيا؟

 

وكيف يقطع هذه الرحلة القصيرة عليها؟

 

وإلى أين سينتهي به المقام؟

 

وما هو مصيره في الآخرة؟

 

فيشعر بالأنس والسعادة، ويتلذذ بطاعة الله تعالى ومناجاته.

 

أما الكافر فهو على الضد من ذلك، يسمع الآيات القرآنية، ويسمع ذكر الله عز وجل فيزيد هذا قلبه قسوةً وجموداً، فقلوبهم قاسيةٌ من ذكر الله، و(من) هاهنا سببية، أي: قلوبهم قاسية بسبب ذكر الله عز وجل وهكذا الكافر لا يزيده الله تعالى إلا قسوةً في قلبه، وقد تكون (من) ابتدائية، فيكون المعنى: أن قلوبهم قاسية بسبب بعدها عن ذكر الله عز وجل فهي معرضةٌ غافلةٌ عن ذكر الله، وهاهنا تكون من للابتداء، ويقول الله عز وجل: ضَرَبَ اللَّهُ مثلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مثلاً [الزمر:29].

 

 

فهذا الرجل الذي فيه شركاء متشاكسون، هو مثلٌ للمشرك الذي يعبد آلهةً شتى، فيصبح قلبه متشعباً في الأودية والشعاب، هذا يأمره بأمر، وذاك يأمره بضده، أما المؤمن الموحد لله عز وجل فقلبه على وجهةٍ واحدة.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ أعظم الناس شعوراً بالسعادة هم أكثرهم عملاً للآخرة

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day