الحياة بغير الله سراب... مارادونا أنموذجًا!


عصام حسنين

الحياة بغير الله سراب... مارادونا أنموذجًا!

- مارادونا لٌقب بالفتى الذهبي، أسطورة مِن أساطير لاعبي كرة القدم في العالم! - استمتع بالكرة وأمتع، وحصّل من الشهرة ما لم يحصّله أحد؛ لدرجة أنهم نحتوا له تمثالًا في حياته بالأرجنتين، وهناك طائفة من قومه يعبدونه! - أنشأوا كنيسة باسمه، يجتمعون فيها لعبادته! -تعساء يعبدون تعيسًا!-. - ترك وراءه ثروة تُقدّر بـ" 300 مليون"، غير الهدايا العينية التي هي ثروة عند القوم تباع في المزادات بالملايين. - تمتع في حياته بكل شيء من ملذات الدنيا المحرمة (نساء - خمر - أولاد زنا - مخدرات - شهرة) ، ثم هناك مَن يعبده! وماذا بعد كل هذا؟! مات! هذا هو ظاهره الذي يحسده عليه أهل الدنيا، وبه يذكرونه! أما عن حال قلبه: فهذا لم يكن يعرفه إلا أطباؤه النفسيون، والذي تحدثوا به بعد موته؛ فهذا طبيبه النفسي السابق (كاهي) أدلى بتصريح إلى إحدى الصحف الأرجنتينية، فقال: "إن موت مارادونا انتحار!أقول: الانتحار؛ لأن دييجو كان متعبًا، فإنه لا يريد أن يعيش بعد الآن، ولقد سئم الحياة، لقد فعل كل شيء!" هذا هو الشقاء الباطني الذي يضرب الله به كلَّ مَن أعرض عن ذكره؛ إنه لم يجد السعادة كما يظن كثيرٌ مِن الناس في الجاه أو اللذات أو في البُعد عن الله! مثل هذا إن أفاق ناداه قلبه: أريد أن أكون سعيدًا، ابحث لي عن السعادة! فماذا يفعل؟ إما أن يلجًا إلى الخمر والمخدرات؛ لئلا يفيق، وليبقَ في سكرته، وإما أن يبحث، وإن بحث فهداه الله؛ فتكون السعادة الحقيقية، والحياة الطيبة.

ولكم كلمات بعض مَن هداهم الله للإيمان؛ لتكون نورًا على نور لمن فتح الله قفل قلبه: - "إنني الآن سعيد جدًّا بديني الجديد، إن تاريخ مولدي بدأ منذ تسميت بخالد؛ فلا تسل عن شخص لم يعد له وجود" (ديبورا بوتوا). - "الحمد لله كثيرًا، لقد عرفت اليمين والشمال -أي المسيحية واليهودية- وعرفت الوسط، وأعني به الإسلام الذي اخترته بإرادتي واقتناعي. وأشار إلى قلبه؛ فهو الدِّين العظيم". - أنا لا أستطيع أن أصف لأحد شعوري بالسعادة، والتحرر من القلق والحيرة التي لازمتني طويلًا. نعم، مِن الصعب أن أصف هذا الشعور، لقد وُلدت مِن جديد، إنني لا أخسر شيئًا؛ لأن مَن وجد الله لم يخسر شيئًا. إنني أشعر بمنتهى السعادة، أما الألم والعذاب فهو مِن خصائص الدنيا، هذه لا راحة لمؤمن إلا بلقاء الله، لقد شعرت بالراحة والهدوء، والاطمئنان بعد أن أشهرت إسلامي" (أودولف -شاب ألماني-). - "لقد وجدت في الإسلام ذاتي التي افتقدتها طوال حياتي، وأحسست وقتها أني إنسان لأول مرة؛ فهو دين يرجع بالإنسان إلى طبيعته، حيث يتفق مع فطرة الإنسان" (مارتن لينجز -مفكر إنجليزي-. انظر: الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء). - "إنني وجدت في الإسلام راحة نفسية، لم تفتقدها ألمانيا الغربية فحسب، وإنما تفتقدها أوروبا كلها، لقد تغيرت حياتي اليومية بعد الإسلام تمامًا، وانتظمت انتظامًا عجيبًا؛ فقد كانت في الماضي بلا هدف، أما الآن فقد أصبح لها معنى، ولها هدف، ولها حلاوة، لقد أصبحت أخاف الله في كل تصرفاتي، وأعرف أن لي ربًّا يحاسبني فيما أفعله في كل وقت" (فيلي بوتولوا -أستاذ علم نفس-. انظر: المصدر السابق). - "في لحظة اعتناقي للإسلام شعرتُ أنني أدخل عالمًا نورانيًّا، يسمو بالروح والنفس، وذلك حينما تسلمت شهادة إشهاري للإسلام، قد شعرت بأنني حصلت على أعلى شهادة في الدنيا، وأحسست في الوقت ذاته أنني ألقيت على كاهلي عبئًا ثقيلًا من الهموم والقلق والشكوك والشقاء. نعم شعرت بسعادة غامرة لم أشعر بها من قبل" (أسقف أمريكي. انظر: المصدر السابق).

- "لقد اكتشفت بعد تركي للديانة البوذية بعالم واسع، فيه سمو للروح؛ فقد شعرت لأول مرة بمعنى الحياة وحلاوتها" (د. شوقي نوتاكي، طبيب ياباني مشهور، انظر: المصدر السابق). - "لقد وصلت إلى الأمان الحقيقي بلجوئي إلى الله الواحد الأحد، الذي يستطيع -وحده- أن يهيمن على وجودنا؛ فيجعل لنا فلقًا وصباحًا ومساءً، وظلمة وضياءً، إني أعوذ به وأحتمي بقدرته -جل وعلا-" (شاب أسترالي في مؤتمر الإسلام والغرب. انظر: المصدر السابق). - "إننا الآن نعرف ما لنا وما علينا، ونعلم أن لنا وظيفة في الحياة، حتى ولو كنا داخل المعتقل" (وليام سكوت، شاب أمريكي أسلم وهو بالسجن. انظر: المصدر السابق).

أيها القارئ الكريم: هذا غيض مِن فيض، وطالب الحق يكفيه دليل على أن هذه هي الحياة الطيبة الحقيقية! فمَن وجد الله وجد كل شيء، ومَن فاته الله فاته كل شيء. والحمد لله على نعمة الإيمان والإسلام.

إن في الجسد مضغة هى المسئولة عن راحتنا وسعادتنا، إن صلح صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب، فما الذي يُسعده وما الذي يُشقيه؟ الجواب في شيء واحد فحسب؛ إنه الإيمان بالله -تعالى- وحده لا شريك له، الرب العظيم الجليل الأكبر الذي له الأسماء الحسنى والصفات العليا، الذي ليس كمثله شيء، ليس له نديد، ولا شريك، ولا نظير، ولا صاحبة، ولا ولد، سبحانه وتعالى، جَلّ في عُلاه. والإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولًا خاتمًا لجميع العالمين، نصدقه فيما أخبر، ونطيعه فيما أمر، وننتهي عما نهى عنه وزجر، ونعبد الله -تعالى- بما شرع، وبذلك جاءت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، قال الله -تعالى-:

(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28)

، وقال:

(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97)

، وقال:

(قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طه:123-126).

قال ابن كثير -رحمه الله-: 

( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي)

أي : خالف أمري، وما أنزلته على رسولي، أعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه.

(فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا)

أي: في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعّم ظاهره، ولبس ما شاء وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلُص إلى اليقين والهدى، فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد؛ فهذا من ضنك المعيشة". - إن في القلب لحاجة شديدة إلى الإيمان الحق، فإذا هداه الله إياه سدَّ حاجته؛ فسعد، وأسعد جوارحه؛ لأنه الملك، والجوارح جنوده كما أخبرنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، أما مع الكفر والإعراض؛ فإن الفاقة تزداد، ولا يسدها شيء، فيزداد شقاؤه -وإن نُعِّم ظاهره-، وما ظنه نعيمًا؛ فهو منغصّ مكّدر، فيكون حاله كالمستجير من الرمضاء بالنار، فيغرق في بحر المخدّرات والخمور؛ فيُصاب بالاكتئاب وكراهية الحياة، والملل مما هو فيه. وهذا ما أخبرنا الله -تعالى-، وصدق الله -تعالى- وصدق رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والواقع يزيدنا تصديقًا.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الحياة بغير الله سراب... مارادونا أنموذجًا!

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day