اختلاف العلماء في تحديد ساعة الإجابة


فريق عمل الموقع

وقد اختلف العلماء في تحديد هذه الساعة، وهذا الاختلاف مقصود، وذلك حتى يظلَّ المؤمن متحرِّيًا هذه الساعة طوال اليوم، فيعبد اللهَ أكثر، ويلجأ إليه مدة أطول، ومع ذلك فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يُشير إلى وقت محدَّد يمكن أن تتحقَّق فيه الإجابة؛ فعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

« هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاَةُ».

مع ذلك فهناك أقوال أخرى تُرَجِّح بعض الأوقات الأخرى في اليوم، والخلاصة أن العبد المسلم الواعي عليه أن يستغلَّ معظم أجزاء اليوم ليدعو الله فيها، ويسأله من خيري الدنيا والآخرة، وهو في كل الأحوال في عبادة حتى لو لم يوافق الساعة المذكورة.

وأرجح الأقوال في تحديدها عند محققي العلماء قولان - وأحدهما أرجح من الآخر - : 

الأول : أنها تكون بعد صعود الإمام إلى المنبر وجلوسه حتى ينصرف من الصلاة . 

والثاني : من بعد العصر إلى مغيب الشمس . 

قال ابن القيم رحمه الله : 

وأرجح هذه الأقوال : قولان تضمنتهما الأحاديث الثابتة ، وأحدهما أرجح من الآخر : 

الأول : أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة . 

وحجة هذا القول : ما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي بردة بن أبي موسى أن عبد الله ابن عمر قال له : أسمعت أباك يحدث عن رسول الله في شأن ساعة الجمعة شيئاً ؟ قال : نعم، سمعته يقول : سمعت رسول الله يقول :

« هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة »

.

وروى ابن ماجة والترمذي من حديث عمرو بن عوف المزني عن النبي قال :

« إن في الجمعة ساعة لا يسأل اللهَ العبدُ فيها شيئاً إلا آتاه الله إياه »

، قالوا : يا رسول الله أية ساعة هي؟ قال :

«حين تقام الصلاة إلى الإنصراف منها» . 

والقول الثاني : أنها بعد العصر . 

وهذا أرجح القولين وهو قول عبد الله بن سلام وأبي هريرة والإمام أحمد وخلق .

وحجة هذا القول : ما رواه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد وأبي هريرة أن النبي قال :

«إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه ، وهي بعد العصر »

، وروى أبو داود والنسائي عن جابر عن النبي قال :

«يوم الجمعة اثنا عشر ساعة فيها ساعة لا يوجد مسلم يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر».  

 زاد المعاد 1 / 389 – 391 .

وقال رحمه الله : 

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الساعة التي تذكر يوم الجمعة : ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس .

وكان سعيد بن جبير إذا صلى العصر لم يكلم أحداً حتى تغرب الشمس .

وهذا هو قول أكثر السلف ، وعليه أكثر الأحاديث ، ويليه : القول بأنها ساعة الصلاة ، وبقية الأقوال لا دليل عليها . 

وتتفق الأحاديث على  أن ساعة الصلاة ساعة ترجى فيها الإجابة أيضاً ، فكلاهما ساعة إجابة ، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخر ساعة بعد العصر ، فهي ساعة معينة من اليوم لا تتقدم ولا تتأخر ، وأما ساعة الصلاة فتابعة للصلاة تقدمت أو تأخرت ؛ لأن لاجتماع المسلمين وصلاتهم وتضرعهم وابتهالهم إلى الله تعالى تأثيراً في الإجابة ، فساعة اجتماعهم ساعة ترجى فيها الإجابة . 

وعلى هذا تتفق الأحاديث كلها ، ويكون النبي قد حض أمته على الدعاء والابتهال إلى الله تعالى في هاتين الساعتين . " زاد المعاد " 1 / 394 . 

وقال الحافظ ابن حجر – بعد ذكره الأقوال التي ذكرت في تحديد ساعة الاستجابة - : 

… فهذا جميع ما اتصل إليَّ من الأقوال في ساعة الجمعة ، مع ذكر أدلتها ، وبيان حالها في الصحة والضعف والرفع والوقف ، والإشارة إلى مأخذ بعضها ، وليست كلها متغايرة من كل جهة ، بل كثير منها يمكن أن يتحد مع غيره …

ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى وحديث عبد الله بن سلام كما تقدم ، قال المحب الطبري : أصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى ، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام .ا.هـ

وما عداهما إما موافق لهما ، أو لأحدهما ، أو ضعيف الإسناد ، أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف ، ولا يعارضهما حديث أبي سعيد في كونه صلى الله عليه وسلم أنسيها بعد أن علمها لاحتمال أن يكونا سمعا ذلك منه قبل أن أنسي أشار إلى ذلك البيهقي وغيره . 

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ اختلاف العلماء في تحديد ساعة الإجابة

  • الخلاصة في خفاء هذه الساعة

    فريق عمل الموقع

    والخلاصة في خفاء هذه الساعة ما يلي : اتفق جماهير العلماء على أنها في آخر ساعة في يوم الجمعة ، هذا مذهبهم واختاره

    22/03/2018 1876
  • آداب الدعاء

    الشيخ أسامة سليمان

      للدعاء آداب ينبغي أن نراعيها: أولاً: أن نلتمس أوقات الإجابة في الدعاء، وأوقات الإجابة عدها بعض العلماء ست:

    28/05/2013 732
  • آداب الدعاء

    الشيخ أسامة سليمان

      وللدعاء آداب ينبغي أن نراعيها: أولاً: أن نلتمس أوقات الإجابة في الدعاء، وأوقات الإجابة عدها بعض العلماء ست:

    17/07/2013 3807
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day